
Call Me 123-456-7890

كوستا اينيل (سمو قانون الاتحاد)
Costa Enel/Primacy of EU Law
مقدمة
1- من اشهر واهم القضايا التى تناولتها محكمة العدل للجماعة الاقتصادية الاوروبية والتى ارست احد المبادئ الاساسية للمنظومة القانونية للجماعة، مبدأ "سمو قانون الجماعة"(Primacy of Community Law) فوق القوانين الوطنية للدول الاعضاء ايا كانت مرتبتها، معتبرة اياه ركن رئيسى المساس به يعرض مجمل عملية الاندماج الاوروبى وليس منظومتها القانونية فقط لاكبر الاخطار. المكانة التى يحتلها حكم المحكمة فى هذه الدعوى تتساوى مع حكم فان جيند ( Van Gend en Loos ) الذى ارسى مبدأ التأثير المباشر ومثلها مثل الاخيرة اهتم البرلمان الاوروبى ايضا فى 24 فبراير 2024 باحياء ذكرى مرور 60 عاما على كوستا- اينيل (كان قد احتفل فى 5/2/2023 بمرور 60 عاما على فان جيند). من المستقر عليه ايضا ان مبدأ التأثير المباشر (فان جيند) وسمو قانون الجماعة (كوستا-اينيل) وجهان لعملة واحدة و مكملان لبعضهما البعض ومن اهم الانجازات "التاريخية" لمحكمة العدل للجماعة.
2- بالرغم من عدم نجاح محاولات تضمين نص معاهدة لشبونة مبدأ سمو قانون الاتحاد فى ضوء تحفظ بعض الدول، خاصة فيما يخص جزئية سمو قانون الاتحاد على الدساتير ذاتها للدول الاعضاء، فقد تم تعويضا عن ذلك اصدار اعلان حول المبدأ والحاقه بالمعاهدة، الاعلان رقم 17. وقد حرص الاعلان على التذكير بانه وفق السوابق القضائية المستقرة لمحكمة العدل فان المعاهدات والقوانين الصادرة استنادا عليها تسمو فوق قانون الدول الاعضاء وفق الشروط التى حددتها تلك السوابق القانونية، وقد ارفق بالاعلان رأى مجلس الشئون القانونية للجماعة حول سمو قانون الاتحاد والصادر فى 22 يونيو 2007.
3- اشار هذا الرأى الى ان السوابق القانونية لمحكمة العدل يستخلص منها ان سمو قانون الاتحاد "حجر زاوية لقانون الجماعة" وان هذا المبدأ "متأصل فى الطبيعة الخاصة للجماعة الاوروبية"، وان عدم تضمين المبدأ فى معاهدة لشبونة لا يغير باى حال من الاحوال من وجود المبدأ والسوابق القانونية للمحكمة. وحرص رأى المجلس الى التذكير بما اوردته المحكم ابان حكم كوستا- اينيل ان "القانون الناشئ من المعاهدة، مصدر مستقل للقانون، لا يمكن وفى ضوء طبيعته الخاصة و المبتكرة، تجاوزه بواسطة احكام قانونية محلية، ايا كان اطارها، دون ان تنزع منه صفته كقانون للجماعة ودون التشكيك فى الاساس القانونى للجماعة ذاتها.".
العرض
موضوع الدعوى
مواطن ايطالى من مدينة ميلانو، فلامينيو كوستا، اعترض على اجراءات الحكومة الايطالية فى نهاية 1962 بتأميم قطاع الكهرباء وانشاء مصلحة كهرباء وطنية، اينيل Enel ، مدعيار تعارض ذلك مع الدستور الايطالى وايضا مع معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية، اخذا فى الاعتبار ان هذا المواطن مالك لاسهم فى شركة كهرباء تم تأميمها فى اطار هذا الاجراءات ومن عملائها.
فى مرحلة اولى احالت محكمة ايطالية الموضوع الى المحكمة الدستورية الايطالية فقط دون اشراك محكمة العدل للجماعة الاوروبية فى الموضوع. وقد اصدرت المحكمة الدستورية الايطالية حكما فى 24 فبرلير 1964 موضحة ان الدستور الايطالى يمنح البرلمان عبر المادة 11 حق اصدار قوانين تحد من سيادة الدولة بغرض انضمام الاخيرة الى معاهدات دولية مثل الجماعة الاقتصادية الاوروبية ، مضيفة ان هذه القوانين لا تتمتع بمرتبة خاصة فى سلم المصادر القانونية الايطالية. من هنا فانه فى حالة تضارب هذه القوانين مع قوانين اخرى تسرى القاعدة المستقرة بان "القانون اللاحق يبطل القانون السابق"، وبالتالى فان قوانين التأميم الصادر فى 1962 تبطل الاحكام المتعارضة من معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية الصادرة فى 1957.
فى دعوى ثانية حول ذات الموضوع احال القاضى المسألة الى المحكمة الدستورية الايطالية مرة اخرى، مضيفا هنا فى نفس الوقت احالة بطلب حكم تمهيدى من قبل محكمة العدل للجماعة الاقتصادية الاوروبية موجها اليها استفسارات حول اتساق قانون التأميم مع احكام معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية الخاصة بالاحتكارات، حق استقرار المواطنين للدول الاعضاء فى دول غير دولهم الاصلية واطلاق انشطة اقتصادية، تحريف المنافسة، والدعم الحكومى ( المواد 102 / 93/ /53/37 ).
نوع الدعوى واطرافها:
1- دعوى احالة لحكم تمهيدى حركتها محكمة ايطالية بمدينة ميلانو وفق المادة المادة 177 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية.
2-اطراف الدعوى المواطن الايطالى فلامينيو كوستا ضد مصلحة الكهرباء الايطالية (اينيل).
3-الحكومة الايطالية واستنادا على حكم المحكمة الدستورية المذكور اعلاه اكدت منذ البداية على ان الدعوى تعد غير مقبولة بالمطلق على اعتبار ان القاضى الايطالى ملزم بتطبيق قانون التأميم حتى اذا تعارض مع معاهدة الجماعة وبالتالى يصبح لا حاجة لحكم من محكمة العدل للجماعة.
اهم نقاط تناول المحكمة للدعوى وقراراتها
1- فى اطار طلبات الاحكام التمهيدية، لا ولاية للمحكمة سواء فيما يخص تطبيق المعاهدة على حالة بعينها او اتخاذ قرار حول صحة احد احكام قانون محلى اتصالا بالمعاهدة، مثلما يمكن لها ان تقوم به
وفق المادة 169( هذه المادة تتناول دور المفوضية لدى اخلال دولة عضو بالتزاماتها وفق المعاهدة واحالة الموضوع الى محكمة العدل ان لم تطبيق الدولة المعنية توصيات المفوضية لعلاج الوضع). مع ذلك، المحكمة لها سلطة استنباط من استفسار صيغ بشكل معيب من جانب المحكمة الوطنية تلك الاستفسارات فقط التى تتعلق بتفسير المعاهدة، من هنا يصبح عليها اصدار قرار ليس حول صحة قانون ايطالى اتصالا بالمعاهدة وانما حول تف سير المواد المذكورة فى اطار نقاط القانون المطروحة من المحكمة الايطالية.
2- المادة 177 تستند على تقسيم واضح للمهام بين المحاكم الوطنية ومحكمة العدل ولا تستطيع منح سلطة للاخيرة سواء من اجل فحص وقائع الدعوى او انتقاد الاسس والغرض وراء طلب التفسير. هذه المادة تحدد اختصاصات محكمة العدل فى اصدار قرارات تخص تفسير المعاهدة، صحة وتفسير قرارات مؤسسات الجماعة، وتفسير النظم الاساسية لاية هيئات يتم انشائها بقرار من المجلس، اذاما نصت تلك النظم على ذلك. كما تنص على انه و حين تثار اى من هذه المسائل امام محكمة او هيئة قضائية بدولة عضو، هذه المحكمة او الهيئة يمكنها، اذا ما قدرت ارتباط اصدارها لقرار بشأنها بحكم تمهيدى حول المسألة، ان تطلب من محكمة العدل اصدار حكما فى هذا الشأن، اما حين تكون اى من هذه المسائل مثارة فى دعوى امام محكمة او هيئة قضائية محلية قراراتها نهائية لا تخضع للطعن وفق القانون المحلى، وهى حالة المحكمة الايطالية صاحبة الدعوى، تصبح هذه المحكمة او الهيئة القضائية ملزمة باحالة الموضوع الى محكمة العدل.
3- على النقيض من المعاهدات الدولية العادية، معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية انشأت منظومتها القانونية الخاصة التى، بدخول المعاهدة حيز التنفيذ، اصبحت جزء لا يتجزأ من المنظومات القانونية للدول الاعضاء والتى تلتزم محاكها بتطبيقها.
من خلال انشاء جماعة غير محددة المدى الزمنى، تتمتع بمؤسساتها الخاصة، شخصيتها الخاصة، قدرتها القانونية الخاصة وقدرتها على التمثيل على الساحة الدولية و، بشكل خاص، سلطات حقيقية نابعة من الحد من السيادة او نقل السلطات من الدول الى الجماعة، تكون الدول الاعضاء قد حدت حقوقها السيادية وانشأت بالتالى بنية قانونية تلزم سواء مواطنيها او الدول الاعضاء ذاتها.
ادماج فى قوانين كل دولة عضو احكام ناشئة من الجماعة و بشكل اكثر عمومية نصوص وروح المعاهدة، يجعل من المستحيل على الدول الاعضاء، كنتيجة منطقية، منح اسبقية لاجراء فردى ولاحق على منظومة قانونية قبلها الجميع على اساس المعاملة بالمثل، هذا الاجراء بالتالى لا يمكن ان يكون غير متسقا مع تلك المنظومة القانونية. القانون الناشئ من المعاهدة، مصدر مستقل للقانون، لا يمكن وفى ضوء طبيعته الخاصة و المبتكرة، تجاوزه بواسطة احكام قانونية محلية، ايا كان اطارها، دون ان تنزع منه صفته كقانون للجماعة ودون التشكيك فى الاساس القانونى للجماعة ذاتها.
قيام الدول الاعضاء بنقل حقوق والتزامات ناشئة من المعاهدة من منظومتها القانونية المحلية الى المنظومة القانونية للجماعة يحمل معه الحد الدائم لحقوقها السيادية، وبالتالى اى عمل لاحق لا يتسق مع مفهوم الجماعة لا يمكن تسيده.
4- المفوضية تتحمل مهمة التأكد من احترام الدول الاعضاء لتلك الالتزامات التى تم فرضها عليها من المعاهدة وتلزمها كدول دون انشاء حقوق فردية، ولكن هذا الالتزام من جانب المفوضية لا يمنح الافراد الحق فى الادعاء، فى اطار قانون الجماعة او وفق المادة 177، سواء باخلال الدولة العضو المعنية بتنفيذ اى من التزاماتها او مخالفة المفوضية لمهامها.
5- المادة 102 لمعاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية لا تتضمن احكام قابلة لانشاء حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية حمايتها. تختص المادة بموضوع المنافسة والعمل على حظر الاجراءات التى قد تؤدى الى تحريف المنافسة و الدول الاعضاء تقبلت اخضاع مشروعات قوانينها التى قد تؤثر على المنافسة للتشارو مع المفوضية وكلها اجراءات تتولاها الدول مع المفوضية و لا تنشئ حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها.
6- المادة 93 لمعاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية لا تتضمن احكاما قابلة لانشاء حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها. هذه المادة تتناول الدعم الحكومى وتتحمل المفوضية متابعة الموضوع والتزام الدول الاعضاء باحكام المادة بالتعاون مع الدول الاعضا ء ولا تنشئ المادة حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها.
7- حين لا يكون التزام دولة عضو مقيدا وفق معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية، سواء بشروط خاصة او، فيما يتعلق بتطبيقه او تأثيره، بصدور اى اجراء سواء من جانب الدول الاعضاء او من جانب المفوضية، يصبح التزام مكتملا قانونا وبالتالى قابل لانشاء تأثير مباشر على العلاقات بين الدول الاعضاء والافراد. مثل هذا الالتزام يصبح جزء اساسى من المنظومة القانونية للدول الاعضاء، وبالتالى يشكل جزء من قانونها الخاص، ومحل مصلحة مباشرة لمواطنيها الذين ولصالحهم قام بانشاء حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بجمايتها.
8- المادة 53 معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية تشكل قاعدة للجماعة قابلة لانشاء حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها. هذه المادة تختص بمنع الدول الاعضاء من وضع قيود جديدة على انشاء مشروعات على اراضيها لمواطنى الدول ا لاعضاء الاخرى. الالتزام بالمادة 53 لمعاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية يكون محققا طالما لم تصدر اجراءات جديدة تخضع انشاء مشروعات من مواطنين من دول اخرى اكثر تشددا من تلك المفروضة على مواطنى الدولة محل اقامة المشروع، ايا كانت المنظومة القانونية التى تحكم المشروعات.
9- المادة 37،2 لمعاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية تشكل فى كل احكامها قاعدة للجماعة قابلة لانشاء حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها. هذه المادة تختص بالاحتكارات الحكومية ذات الطابع التجارى، الغاء الرسم الجمركية و القيود الكمية.
10- احكام المادة 37،2 لمعاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية الغرض منها حظر اى اجراء جديد متعارض مع مبادئ المادة 37،1 ، بمعنى اى اجراء يكون غرضه او تأثيره تمييز جديد بين مواطنى الدول الاعضاء فيما يتعلق بالشروط التى فى اطارها يتم شراء وتسويق المنتجات، من خلال احتكارات او هيئات لا بد، اولا، ان يكون هدفها التعاملات المتعلقة يمنتج تجارى قابل ان يكون محل منافسة وتجارة بين الدول الاعضاء، و ثانيا لا بد ان يلعب دورا فعالا فى مثل هذه التجارة.
يعد من شأن المحكمة المتعاملة مع الدعوى الاساسية تقدير وفى كل حالة عما اذا كان النشاط الاقتصادى محل المراجعة يتعلق بمنتج ما يكون، بحكم طبيعته والمعطيات الفنية او الدولية الخاضع لها، قابل بان يلعب مثل هذا الدور فى الواردات او الصادرات بين مواطنى الدول الاعضاء.
اعتبارات تؤكد سمو قانون الاتحاد
1-الالتزامات المفروضة وفق معاهدة انشاء الجماعة قد تصبح مجرد التزامات محتملة اذا ما كان من الممكن التشكيك فيها من خلال تشريعات لاحقة من جانب الموقعين على المعاهدة، وهذه الاخيرة واضحة تماما فى الفصل فى هذا الموضوع فهى تتضمن احكاما صريحة ومحددة فيما يخص الحالات التى يسمح فيها للدول بالحق فى العمل بشكل منفرد، وهناك آلية خاصة لطلبات الاستثناء من الدول الاعضاء للحصول على موافقة باعفائها من احكام معينة.
2-الفقرة الفرعية الثالثة من المادة 93،2 الخاصة بطلب دولة عضو ولظروف استثنائية السماح بدعم حكومى معين و المادة 226 والخاصة بحالات تعرض دولة عضو لمصاعب خطيرة فى اى قطاع اقتصادى خلال المرحلة الانتقالية وامكانية تقدمها بطلب للحصول على تصريح باتخاذ اجراءات حمائية خاصة، تكون كلها بغير ذى معنى او جدوى وتفقد مغذاها اذا كانت الدول الاعضاء تستطيع التخلى عن التزاماتها عبر قانون عادى تصدره.
3- سمو واسبقية قانون الجماعة مؤكد عليه من خلال المادة 189 والتى تتضمن انواع القوانين التى تصدرها الجماعة ومنها "القاعدة" والتى تنص المادة على انها" ملزمة وقابلة للتطبيق المباشر فى كل الدول الاعضاء". هذه المادة وهى ليست محل قيد او شرط تصبح بغير ذى معنى ان كانت دولة عضو تستطيع بشكل منفرد الغاء اثارها عبر اجراء تشريعى يسمو ويسبق قانون الجماعة.
تعليق ختامى
1- المحكمة وعبر حكم كوستا-اينيل قامت بالتعامل مع و وضع حل لاشكالية خطيرة هى حالات التضارب بين احكام قانون الجماعة وقانون وطنى لاحق صادر فى دولة عضو، وذلك عبر مبدأ سمو قانون الجماعة فوق كل القوانين الوطنية، والتزام المحاكم الوطنية فى كل الدول الاعضاء بتطبيق هذا المبدأ.
2-مبدأ سمو قانون الجماعة على قوانين الدول الاعضاء، اضافة الى ما جاء فى المقدمة اعلاه حول اهميته ومكانته، حددت له من المحكمة على ما يبدو ما يمكن وصفه بالدور "الاستراتيجى" على صعيد المنظومة القانونية للجماعة الا وهو حماية التطبيق الموحد لهذه المنظومة فى كل الدول الاعضاء وسد كل الثغرات القابلة لفتح الباب اما تدخلات تشريعية او غيرها تمس بهذا المبدأ وتطبيقه.
3- هذه الدعوى مثلها مثل دعوى فان جيند اكدت على محورية آلية الاحكام التمهيدية. بل فى هذه الحالة كان من الممكن رفض المحكمة للدعوى من البداية نظرا للطرح "المعيب"، كما وصفته المحكمة، من جانب القاضى الايطالى لاستفساراته التى جنحت الى طلب حكم حول "مشروعية" قانون وطنى ايطالى، قانون تأميم قطاع الكهرباء، وذلك وفق آلية لا تمنح المحكمة مثل هذه الولاية (آلية الاحكام التمهيدية وفق المادة 177)، وان مثل هذا الحكم يمكن ان تصدره المحكمة فقط فى اطار دعوى مخالفة المعاهدة وفق المواد 169 و170، وهى دعوى يمكن تحريكها فقط من المفوضية او دولة عضو اخرى (وليس محكمة وطنية).
ولكن، مع اقرار المحكمة بما سبق، فانها اكدت ولايتها فى هذه الحالة ان "تستخرج" من الاستفسار "المعيب" بعض النقاط التى تدخل فى ولاية المحكمة الخاصة بتفسير احكام المعاهدة.
4- لوحظ استناد المحكمة فى تفسيرها للمواد المعنية على مبدأ التأثير المباشر كما طرح فى دعوى فان جيند من خلال الاشارة الى ان الالتزامات المفروضة على الدول من المعاهدة حين لا تكون مقيدة بشروط محددة فيما يتعلق بتطبيقها ان تأثيرها او بصدور اجراءات معينة، تعد مكتملة قانونا وبالتالى قابلة لانشاء تأثير مباشر على العلاقات بين الدول الاعضاء والافراد.
عبر هذا المنهج خلصت المحكمة الى ان المواد 102(حول المنافسة) و 93 ( الدعم الحكومى ) لا تتمتع بتأثر مباشر ولا تنشئ حقوق فردية، اما المادة 53 ( حق الاستقرار واطلاق نشاط اقتصادى) فهى تنشئ حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية التزاما بحمايتها ومخالفتها تقع فقط فى حالة اصدار اجراءات تمييزية جديدة بين مواطنى الدول الاعضاء، واخيرا فيما يخص المادة 37 ( الخاصة بالاحتكارات) فهى تنشئ حقوق فردية ومخالفتها تقع فقط لدى عدم الالتزام بحظر انشاء احتكارات جديدة ذات طابع تجارى ينتج عن نشاطها التمييز بين المواطنين.
5- يستحق اشارة خاصة فى النهاية المنهاج الذى تبنته المحكمة الرافض تماما لنظرية الازدواجية بين القانون الوطنى والقانون الدولى التى تفصل بين المنظومتين القانونيتين وتمسكها بنظرية وحدة القانون وذلك عبر الاشارة فى تناولها للدعوى الى انه مع دخول قانون الجماعة حيز التنفيذ فقد تم بذلك ادماجه فى قانون الدول الاعضاء واصبح جزء لا يتجزأ منه.