
Call Me 123-456-7890

(34)Direct Effect/Van Gend en Loos
28 سبتمبر 2024
12 min read
0
0
0
فان جيند ان لوش[i] ( التأثير المباشر)
Van Gend en Loos
مقدمة
يعد الحكم التمهيدى الصادر فى دعوى فان جيند ان لوش ( Van Gend en Loos ) فى 5 فبراير 1963 احد اهم احكام محكمة العدل وبالغ التأثير ليس فقط فى تكوين وانما ايضا فى انشاء المنظومة القانونية للجماعة و من الامور المستقر عليه وصفه بالحكم "التاريخى". بين الادلة القاطعة المتعددة على ذلك احتفال البرلمان الاورروبى ذاته فى 5 فبراير 2023، الى جانب دوائر عديدة اخرى، بمرور 60 عاما على حكم "فان جيند ان لوش" ببيان بعنوان "60 عاما لفان جيند ان لوش: التأثير المباشر لقانون الاتحاد و "منظومة قانونية جديدة" "، مع تعريف الحكم بانه الاول فى سلسلة احكام تاريخية وضعت قواعد المنظومة القانونية للاتحاد الاوروبى.
موضوع الدعوى
قامت شركة النقل والتوزيع الهولندية Van Gend en Loos باستيراد منتج كيمائى من المانيا الى هولندا وفرضت السلطات الهولندية المعنية تعريفة استيراد اعترضت على قيمتها الشركة عليها لارتفاعها عما كان يسدد سابقا على نفس السلعة، واعتبرت ان فى ذلك مخالفة صريحة للمادة 12 من معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية التى تحظر على الدول الاعضاء زيادة الرسوم الجمركية او اية رسوم اخرى لها تأثير مماثل فى العمليات التجارية فيما بين الدول الاعضاء. وكانت السلطات الهولندية قد اوضحت انها لم تصدر قرارا برفع الرسوم الجمركية على هذه السلعة وانما اعادة تصنيفها وادراجها على قائمة جديدة كان وراء هذا الارتفاع.
لدى عرض النزاع بين الشركة ومصلحة الضرائب الهولندية على محكمة فض المنازعات الضرائبية فى هولندا احالت الاخيرة الى محكمة العدل للجماعة الاقتصادية الاوروبية استفسارات حول طبيعة المادة 12 المشار اليها وتمتعها بتأثير مباشر من عدمه.
نوع الدعوة
الدعوى هى احالة لحكم تمهيدى (Reference for Preliminary Ruling )، و هذه الفئة من الدعاوى التى تتولاها محكمة العدل تدخل فى اطار التعاون بين المحكمة والمحاكم الوطنية بغرض ضمان التطبيق الفعال والموحد لتشريعات الاتحاد الاوروبى و منع التفسير المتباين لها فى الدول الاعضاء. المادة 177 من معاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية تنص على اختصاص المحكمة بصلاحية اصدار احكام تمهيدية تتعلق بتفسير المعاهدة، صحة وتفسير قرارات مؤسسات الجماعة، تفسير النظم الاساسية لاية هيئات يتم انشائها بقرار من المجلس، اذاما نصت تلك النظم على ذلك.
كما نصت المادة على انه ولدى اثارة اى من هذه المسائل امام محكمة او هيئة قضائية بدولة عضو، هذه المحكمة او الهيئة يمكنها، اذا ما قدرت ارتباط اصدارها لقرار بشأنها بحكم تمهيدى حول المسألة، ان تطلب من محكمة العدل اصدار حكمها فى هذا الشأن. واوضحت المادة ايضا انه و حين يكون اثارة مثل هذه المسائل فى دعوى امام محكمة او هيئة قضائية محلية قراراتها نهائية لا تخضع للطعن وفق القانون المحلى، تصبح هذه المحكمة او الهيئة القضائية ملزمة باحالة الموضوع الى محكمة العدل.
من المهم للغاية التأكيد على ان رد محكمة العدل على ما يحال اليها من استفسارات وفق هذه الآلية ليس مجرد رأى، وانما يأخذ شكل حكم او قرار مسبب ملزم ليس فقط على المحكمة الوطنية صاحبة الاستفسار
وانما ايضا على المحاكم الوطنية فى كل الدول الاعضاء التى تثار امامها نفس المسألة.
المواد المرجعية ذات الصلة بمعاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية
فى اطار تناول الدعوى تم الرجوع الى المواد المرجعية التالية بالمعاهدة:
1- المادة 12 ، وهى المادة الرئيسية محل الدعوى ومحل الاستفسار المرفوع من المحكمة الهولندية الى محكمة العدل، و نص المادة:
"الدول الاعضاء سوف تمتنع عن تطبيق، فيما بينها، اية رسوم جمركية جديدة على عمليات الاستيراد او التصدير او او اية تعريفات ذات الأثر المماثل و عن رفع هذه الرسوم والتعريفات والتى يتم تطبيقها فى العلاقات التجارية فيما بينها."
2- المادة 169 ونصها:
"اذا ما قدرت المفوضية ان دولة عضو اخلت يتنفيذ التزاماتها وفق هذه المعاهدة، سوف تصدر رأى مسبب حول الموضوع بعد مطالبة هذه الدولة بتقديم تعليقاتها. اذا لم تلتزم هذه الدولة بما جاء فى الرأى فى غضون المدة المحددة من المفوضية، يمكن للاخيرة احالة الموضوع الى محكمة العدل".
3- المادة 170، وتقول نصا:
"اذا ما قدرت اية دولة عضو ان دولة عضو اخرى اخلت بتنفيذ اى من التزاماتها وفق هذه المعاهدة ي مكنها احالة الموضوع الى محكمة العدل. قبل ان تحرك دولة عضو، ضد دولة عضو اخرى، دعوى تتعلق بمخالفة مزعومة لالتزامات وفق هذه المعاهدة، عليها احالة الموضوع الى المفوضية. تصدر المفوضية رأى مسبب بعد مطالبة الدولة المعنية بتقديم تعليقاتها فى رد مكتوب او شفهي. ان لم تصدر المفوضية، وفى غضون مدة ثلاثة اشهر من تاريخ احالة الموضوع اليها، رأى ما، الاحالة الى محكمة العدل لا تصبح بالتالى معطلة."
4- المادة 9.1 ونصها:
"الجماعة سوف تقام على قاعدة اتحاد جمركى يغطى تبادل كل السلع ويتضمن معا حظر، فيما بين الدول الاعضاء، اية رسوم جمركية على الاستيراد والتصدير وكل الرسوم ذات الاثر المماثل و تبنى رسوم جمركية مشتركة فى علاقاتها مع دول ثالثة".
اهم نقاط حكم محكمة العدل
نص ملخص الحكم كما اوردته المحكمة
1- من اجل منح ولاية قضائية للمحكمة لاصدار حكم تمهيدى من الضرورى فقط ان يكون الاستفسار المثار يتعلق بشكل واضح بتفسير المعاهدة.
2- الاعتبارات التى قد تكون قد دعت محكمة وطنية الى اختيارها للاسئلة وكذلك الاهمية التى توليها لهذه الاسئلة فى اطار دعوى معروضة امامها مستبعدة من مراجعة المحكمة لدى الاستماع الى طلب حكم تمهيدى.
3- الجماعة الاقتصادية الاوروبية تشكل منظومة قانونية جديدة من القانون الدولى والتى من اجلها حدت الدول من حقوقها السيادية، وان كان فى قطاعات محدودة، و لا تقتصر شخوصها على الدول الاعضاء وانما ايضا مواطنيها.
بعيدا عن تشريعات الدول الاعضاء، قانون الجماعة لا يفرض فقط التزامات على الافراد وانما الغرض منه ايضا منحهم حقوق تصبح جزء من الارث القانونى لهم، هذه الحقوق تنشأ ليس فقط حين تكون ممنوحة لهم صراحة من المعاهدة ولكن ايضا بالرجوع الى الالتزامات التى تفرضها المعاهدة بشكل محدد تماما على الافراد وكذلك على الدول الاعضاء وعلى مؤسسات الجماعة.
4- كون المواد 169 و170 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية تخول المفوضية والدول الاعضاء ان تحيل الى المحكمة دولة اخلت بالتزاماتها لا يحرم الافراد من المطالبة بذات الالتزامات، اذا ما اتيحت الفرصة، امام محكمة وطنية.
5- وفق روح، سياق عام وصياغة معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية، المادة 12 يجب ان تفسر بانها تنتج اثار مباشرة وتنشئ حقوق فردية يجب حمايتها من المحاكم الوطنية.
6- يستخلص من صياغة و سياق عام المادة 12 من المعاهدة انه، ومن اجل التأكد ان كانت الرسوم الجمركية والتعريفات ذات الاثر المماثل قد تم رفعها بالمخالفة للحظر الوارد فى المادة المذكورة، يجب النظر الى الرسوم الجمركية والرسوم ذات الاثر المماثل المطبقة فعليا من الدول الاعضاء فى تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ.
7- حين، بعد دخول المعاهدة حيز التنفيذ، نفس المنتج تحصل عليه نسبة اعلى من الرسوم، بغض النظر ان كانت هذه الزيادة ناتجة من رفع فعلى للرسوم الجمركية او اعادة تحديد للرسوم ناتجة عن ادراج المنتج ضمن فئات تحصل عنها رسوم اعلى، فان الزيادة تعد غير قانونية وفق المادة 12 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية.
موضوع النزاع وفق عرض المحكمة
تدور الدعوة حول الاسئلة التالية:
1- هل المادة 12 معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية لها تطبيق مباشر على اراضى دولة عضو، بعبارة اخرى، هل مواطنو مثل هذه الدولة يمكنهم، استنادا على المادة المعنية، المطالبة بحقوق فردية يكون على المحاكم حمايتها.
2- فى حالة رد ايجابى، هل تطبيق رسم استيراد يبلغ 8% على استيراد الى هولندا من جانب المدعى فى الدعوى الرئيسية المادة الكيمائية المعنية الواردة من المانيا يشكل زيادة غير قانونية فى اطار مغذى المادة 12 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية او هل هو فى هذه الحالة تعديل معقول على الرسم المطبق قبل 1 مارس 1960، تعديل لا يجب مع ذلك، برغم تشكيله ارتفاعا من وجهة النظر الحسابية، اعتباره محظورا وفق احكام المادة 12.
السؤال الاول
أ- ولاية المحكمة:
*حكومة هولندا وحكومة بلجيكا طعنتا فى ولاية المحكمة على اساس ان الاحالة تتعلق ليس بتفسير ولكن بتطبيق المعاهدة داخل نطاق القانون الدستورى لهولندا، و بشكل خاص ان المحكمة لا ولاية لها للفصل، اذا ما اتيحت الفرصة، عما اذا كانت احكام معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية تعلو فوق التشريع الهولندى او فوق معاهدات اخرى انضمت اليها هولندا وتم دمجها فى القانون الوطنى الهولندى. حل هذه الاشكالية، كما تم الادعاء، يدخل ضمن الولاية الحصرية للمحاكم الوطنية، على ان يتم التطبيق اتساقا مع الاحكام الصادرة فى المواد 169 و170 من المعاهدة.
*مع ذلك فى هذه الحالة لم يطلب من المحكمة الفصل فى تطبيق المعاهدة وفق مبادئ القانون الوطنى لهولندا، وهو ما يبقى من اختصاص المحاكم الوطنية، ولكن المطلوب فقط، اتساقا مع الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة الاولى للمادة 177 للمعاهدة، تفسير نطاق المادة 12 من تلك المعاهدة فى اطار قانون الجماعة و فيما يتعلق باثارها على الافراد.
الادعاء بالتالى لا اساس قانونى له.
*الحكومة البلجيكية تدعى ايضا ان المحكمة لا تتمتع بالولاية على اساس ان اية اجابة يمكن ان تصدرها المحكمة على السؤال الاول وترد بها على المحكمة الهولندية لن يكون لها تأثير على نتيجة الدعوى المعروضة امام تلك المحكمة.
*مع ذلك، و من اجل منح الولاية للمحكمة فى الدعوى الحال ية يلزم فقط ان يكون السؤال المطروح يتعلق بشكل واضح بتفسير المعاهدة، الاعتبارات التى قد تكون قد دفعت محكمة او هيئة قضائية الى اختيارها للاسئلة وكذلك الاهمية التى توليها لهذه الاسئلة فى اطار الدعوى المعروضة امامها مستبعدة من مراجعة محكمة العدل. يبدو من صياغة الاسئلة المعنية انها تتعلق بتفسير المعاهدة، بالتالى المحكمة تتمتع بالولاية للرد عليها.
*هذا الادعاء، ايضا، لا اساس له.
(ب) فى موضوع الدعوى
*السؤال الاول للمحكمة الهولندية يتمحور حول ما اذا كانت المادة 12 مع المعاهدة لها تطبيق مباشر فى القانون الوطنى بمعنى ان مواطنو دولة عضو يمكن على اساس هذه المادة الادعاء بحقوق يجب على المحكمة الوطنية حمايتها.
*للتأـكد عما اذا كانت احكام معاهدة دولية تمتد على هذا النحو فى اثارها من الضرورى النظر الى روح، السياق العام وصياغة تلك الاحكام.
*هدف معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية، وهو اقامة سوق مشترك، نشاطه، وهو محل اهتمام مباشر لاطراف معنية فى الجماعة، يفترض ان هذه المعاهدة اكثر من اتفاق ينشئ مجرد التزامات متبادلة بين الدول المتعاقدة. وجهة النظر هذه تؤكدها ديباجة المعاهدة التى تشير ليس فقط الى الحكومات وانما ايضا الى الشعوب. يؤكد على ذلك ايضا بشكل اكثر تحديدا ما تم من انشاء مؤسسات متمتعة بحقوق سيادية، ممارستها يؤثر على الدول الاعضاء وايضا على مواطنيها. اضافة الى ذلك، لا بد من ملاحظة ان مواطنو الدول الموحدين فى الجماعة مطالبين بالتعاون لكى تعمل هذه الجماعة عبر قناة البرلمان الاوروبى واللجنة الاقتصادية والاجتماعية.
*يضاف الى ذلك ان المهمة الموكلة الى محكمة العدل وفق المادة 177، وهدفها ضمان التفسير الموحد للمعاهدة من جانب المحاكم والهيئات القضائية الوطنية، يؤكد ان الدول اعترفت بان قانون الجماعة له سلطة يمكن استدعائها من جانب مواطنوها امام تلك المحاكم والهيئات. النتيجة الواجب استخلاصها من ذلك هى ان الجماعة تشكل منظومة قانونية جديدة من القانون الدولى حدت لصالحها الدول من حقوقها السيادية، وان كان فى مجالات محدودة، وان شخوصها تشمل ليس فقط الدول الاعضاء وانما ايضا مواطنيها. بعيدا عن تشريع الدول الاعضاء، قانون الجماعة بالتالى لا يفرض فقط التزامات على الافراد، وانما يستهدف ايضا منحهم حقوق تصبح جزء من ارثهم القانونى. هذه الحقوق تنشأ ليس فقط حين تكون ممنوحة صراحة من المعاهدة، وانما ايضا بالرجوع الى الالتزامات التى تفرضها بشكل محدد بوضوح على الافراد وكذلك على الدول الاعضاء و على مؤسسات الجماعة.
*فيما يتعلق بالسياق العام للمعاهدة فى تناولها للرسوم الجمركية والرسوم ذات التأثير المماثل لا بد من التأكيد على ان المادة 9، التى تشير الى انشاء الجماعة على قاعدة اتحاد جمركى، تتضمن كقاعدة اساسية منع هذه الرسوم الجمركية والرسوم ذات التأثير المماثل، هذه المادة توجد فى مطلع جزء المعاهدة الذى يحدد "ركائز الجماعة". و يتم تطبيقها وشرحها عبر المادة 12 .
*صياغة المادة 12 تتضمن حظرا واضحا و غير مشروط وهو ليس التزاما ايجابيا وانما سلبيا. هذا الالتزام، اضافة الى ذلك، ليس مقيدا باى تحفظ من جانب الدول وهو ما قد يجعل تطبيقه مشروطا باجراء تشريعى ايجابى صادر وفق القانون الوطنى. الطبيعة ذاتها لهذا الحظر يجعله مناسبا تماما لانتاج اثار مباشرة فى العلاقة القانونية بين الدول الاعضاء ومواطنيها.
*تطبيق المادة 12، بالتالى، لا يتطلب تدخلات تشريعية من جانب الدول. كون هذه المادة قد حددت الدول الاعضاء باعتبارها اطراف معنية بالالتزام السلبى لا يعنى باى شكل ان مواطنيها لا يستطيعون الاستفادة من هذا الالتزام. بالاضافة الى ذلك فان الحجة المستندة على المواد 169 و 170 من المعاهدة التى تطرحها الحكومات الثلاث من خلال ملاحظاتها الى المحكمة فى بياناتها حول الدعوى لا اساس لها فى النهاية.
*حقيقة ان هذه المواد للمعاهدة تؤهل المفوضية والدول الاعضاء ان تحيل الى المحكمة دولة اخلت بالتزاماتها لا يستتبعه ان الافراد لا يستطيعون الادعاء بذات الالتزامات، اذا ما اتيحت الفرصة، امام محكمة وطنية، تحديدا مثلما يحدث حين توفر المعاهدة للمفوضية الادوات لكى تفرض على الشخوص احترام التزاماتها، فلا يتسبعد ذلك الامكانية، وفى النزاعات بين الافراد امام قاض وطنى، لهؤلاء الادعاء بوجود مخالفة لتلك الالتزامات.
*اى قيد على الضمانات ضد مخالفة المادة 12 من جانب الدول الاعضاء لحصرها داخل آليات المواد 169 و 170 يقضى على كل الحماية المباشرة لحقوق الافراد المنتمون لهذه الدول. هناك مخاطرة ان يصبح اللجوء الى آليات هذه المواد غير ذى جدوى ان تم ذلك بعد تطبيق قرار وطنى مخالف لاحكام المعاهدة.
يقظة الافراد المعنيين فى حماية مصالحهم يعادل رقابة اضافية فعالة الى جانب الرقابة المتاحة عبر المواد 169 و170 للمفوضية والدول الاعضاء.
يستخلص من الاعتبارات اعلاه، وفق روح، السياق العام وصياغة المعاهدة، ان المادة 12
لا بد من تفسيرها باعتبارها منتجة لاثار مباشرة ومنشئة لحقوق فردية لا بد من حمايتها من جانب المحاكم الوطنية.
السؤال الثانى
أ-ولاية المحكمة
*لا ولاية للمحكمة على اجراءات تصنيف المنتج المعنى على اعتبار ان ذلك لا يدخل ضمن تفسير مواد للمعاهدة.
*مع ذلك فان المغذى الحقيقى للسؤال من المحكمة الهولندية يتمحور حول ما اذا كان من وجهة نظر القانون ارتفاع فعلى حقيقى فى الرسوم الجمركية المحصلة على منتج معين يكون مرجعه ليس رفع الرسوم الجمركية المحصلة وانما تصنيف جديد للمنتج ترتب عليه ادراجه ضمن قائمة تحصل عليها رسوم اعلى يخالف الحظر المفروض من المادة 12 .
*من هذا المنظور الامر يتعلق بتفسير هذه المادة من المعاهدة وبشكل اكثر تحديدا المعنى الذى يجب اعطائه الى مفهوم الرسوم المطبقة قبل دخول المعاهدة حيز التنفيذ.
*بالتالى المحكمة تتمتع هنا بالولاية القضائية.
ب- فى الموضوع
*يستنتج من الصياغة والسياق العام للمادة 12 للمعاهدة انه، ولغرض التأكد عما اذا كاننت الرسوم الجمركية او الرسوم ذات الاثر المماثل المحصلة تم رفعها بالمخالفة للحظر الوارد فى المادة المذكورة، لا بد من مراجعة الرسوم الجمركية والرسوم الاخرى المحصلة بالفعل فى تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ.
*اضافة الى ذلك، فيما يتعلق بالحظر الوارد فى المادة 12 من المعاهدة، فان مثل هذه الزيادة غير القانونية يمكن ان تعود الى اعادة تقدير الرسوم نتيجة ادراج المنتج على قائمة تحصل عليها رسوم اعلى وكذلك ان يكون المصدر رفع الرسوم الجمركية.
*لا اهمية كبيرة لكيفية حدوث زيادة فى الرسوم حين، بعد دخول المعاهدة حيز التنفيذ، نفس المنتج فى نفس الدولة العضو يكون محل اراتفاع فى الرسوم الجمركية.
*تطبيق المادة 12، وفق التفسير اعلاه، يدخل تحت مظلة ولاية المحكمة الوطنية التى يجب عليها الاستفسار عما اذا كان المنتج الخاضع للضريبة ومنشأه جمهورية المانيا الفيدرالية، يتم تحصيل رسوم جمركية عليه وفى اطار الاجراءات الجمركية التى تم تطبيقها فى هولندا اعلى مما كان يتم تحصيله فى يناير 1958. لا ولاية للمحكمة فى مراجعة كل المواقف المتضاربة التى طرحت خلال اجراءات التقاضى ولكن يجب عليها ترك تحديد ذلك الى المحاكم الوطنية.
قرار المحكمة
ردا على الاسئلة المحالة اليها للحكم التمهيدى من جانب المحكمة الهولندية بقرارهها فى 16 اغسطس 1962، تحكم بالتالى:
1- المادة 12 بمعاهدة انشاء الجماعة الاقتصادية الاوروبية تنتج اثار مباشرة وتنشئ حقوق فردية على المحاكم الوطنية التزام بحمايتها.
2- من اجل الفصل عما اذا كانت الرسوم الجمركية او الرسوم ذات التأثير المماثل تم زيادتها بالمخالفة للحظر الوارد فى المادة 12 من المعاهدة، يجب مراجعة الرسوم الجمركية والرسوم ذات التأثير المماثل المطبقة فعليا من جانب الدولة العضو المعنية فى تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ.
مثل هذه الزيادة يمكن ان تأتى سواء من اعادة تقييم الرسوم الجمركية نتيجة ادراج المنتج على قائمة تحصل عليها رسوم اعلى او من قرار بزيادة فى الرسوم الجمركية المطبقة.
تعليق ختامى
1-مبدأ التأثير المباشر
مبدأ التأثير المباشر يعد وعلى الاطلاق اهم نتاج لحكم دعوى فان جيند اصدرته محكمة العدل للجماعة فى مرحلة مبكرة من انشاء واطلاق الجماعة الاقتصادية الاوروبية، ليصبح هذا المبدأ ركنا اساسيا فى المنظومة القانونية للجماعة الى جانب مبادئ اخرى، خاصة الوجه الاخر لهذا المبدأ وهو مبدأ "سمو القانون الاوروبى على القوانين الوطنية". مبدأ التأثير المباشر وفق التعريف الوارد فى الحكم الصادر يعنى ان هناك مواد بالمعاهدة لا تحتاح الى تدخل تشريعى من جانب الدول الاعضاء وانما تنتج اثار مباشرة وتنشئ حقوق فردية يكون على المحاكم الوطنية للدول الاعضاء التزاما بحمايتها.
هذا المبدأ يؤسس لرابطة مباشرة غير معتادة فى المنظمات الدولية او الاقليمية بين مواطنو الدول الاعضاء والمنظومة القانونية للجماعة دون وساطة تشريعية باى شكل من جانب السلطات الوطنية و تمتع المواطنين بحقوق، الى جانب الواجبات والالتزامات، يفرض على المحاكم الوطنية حمايتها.
2-ولاية المحكمة
ردت المحكمة على التشيك فى ولايتها فيما يخص موضوع الدعوى بشكل قاطع مؤكدة ولايتها الحصرية وفق نص المعاهدة على كل ما يخص تفسير مواد واحكام المعاهدة، وهو ما سوف تستمر بالتمسك به فى كل احكامها اللاحقة.
3-دور ومكانة الفرد فى المنظومة
من الاطروحات الرئيسية فى تناول المحكمة للدعوى التركيز على حقوق ودور الفرد فى المنظومة القانونية للجماعة، ومن ذلك:
· وجود معادلة فى المنظومة مفادها انه مقابل ما تفرضه المعاهدة من التزامات على الافراد هناك حقوق تمنحهم ايها المعاهدة اصبح من "الارث القانونى لهم" الواجب حمايته من المحاكم الوطنية.
· ليس من الضرورى ان تكون هذه الحقوق منصوص عليها مباشرة وصراحة بالمعاهدات وانما تستخلص من السياق العام وروح ونص المعاهدة والتى كما تشير الى الدول تشير ايضا الى شعوب هذه الدول ودورها فى انجاح عمل الجماعة.
· ان يقظة الافراد المعنيين فى حماية مصالحهم هى فى حد ذاتها مكسب للمنظومة القانونية على اعتبار انها اداة رقابة اضافية الى جانب ما هو مطلوب من الدول الاعضاء ومؤسسات فى اطار حماية سيادة القانون.
4-توصيف المنظومة القانونية للجماعة
اوضحت المحكمة فى هذا الصدد ان الجماعة منظومة قانونية جديدة من القانون الدولى تستند على تنازل الدول عن سيادتها فى قطاعات محددة وتخضع للمنظومة سواء الدول الاعضاء او مواطنيها، وفى هذا الصدد سوف تعود المحكمة الى هذه الجزئية فى احكام لاحقة لتفصل قانون الجماعة عن القانون الدولى على اعتبار انه نوع جديد خاص من القانون يتمتع بخصائص فريدة لا تدخل على الاطلاق ضمن خصائص القانون الدولى.
5-آلية الاحكام التمهيدية
يؤكد حكم فان جيند على الطبيعة الخاصة والاهمية الكبيرة لآلية الاحكام التمهيدية على اعتبار انها آلية لها ابعاد متعددة منها توثيق العلاقة بين المنظومة القضائية للجماعة والسلطات القضائية بالدول الاعضاء التى تصبح فى النهاية، من خلال التزامها القاطع بتطبيق ما تصدره محكمة الجماعة من احكام تمهيدية، اداة تطبيق قانون الجماعة، خاصة وانه التزام لا تخضع له المحكمة الوطنية المعنية مباشرة بالدعوى وانما كل المحاكم الوطنية بالدول الاعضاء. اضافة الى ذلك فهى آلية شكلت اداة حيوية لدى محكمة العدل لتضع مبادئ واسس المنظومة القانونية للجماعة، فتعد، وكما تم الاشارة ، دعوى فان جيند الاولى من سلسلة دعاوى عبر ذات الآلية حددت الكثير من المبادئ الاساسية لقانون الجماعة.
6-منهاج الفصل فى موضوع رفع الرسوم الجمركية
فى تناولها لجانب الدعوى الخاص بقانونية رفع الرسوم الجمركية من عدمه فى اطار النزاع المعروض امامها ركزت المحكمة على منهاج يهتم بالنتيجة النهاية وليس باسباب رفع هذه الرسوم، لتحديد قانونية الاجراء من عدمه وفق قانون الجماعة. فقد اشارت الى ان زيادة الرسوم الفعلية المطبقة يمكن ان تعود الى اجراءات تنظيمية بالدولة لا تخص الرسوم الجمركية مباشرة او الى قرار مباشر برفع الرسوم، وان "لا اهمية كبيرة لكيفية حدوث زيادة فى الرسوم حين، بعد دخول المعاهدة حيز التنفيذ، نفس المنتج فى نفس الدولة العضو يكون محل ارتفاع فى الرسوم الجمركية.".
[i] النصوص العربية لمواد المعاهدة تمم ترجمتها بواسطة المسئول عن هذا الموقع ويتحمل وحده مسئولية اية اخطاء.