
Call Me 123-456-7890

خطاب تشيرشل فى جامعة زيوريخ 1946
Churchill Zurich Speech 1946
مضمون الخطاب
خطاب وينستون تشيرشل فى جامعة زيوريخ 19 سبتمبر 1946 يعد من العلامات البارزة على طريق اطلاق جهود انشاء اطر ومؤسسات اوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة اطروحته تأسيس ولايات متحدة اوروبية ومجلس اوروبا Council of Europe ليشكل الاطار العام لاعادة احياء القارة وتخطيها حالة الانهيار التى صاحبت وتلت الحرب وانطلاقها نحو لعب دور "تستحقه" على مستوى العالم.
تناول الخطاب فى فقراته الاولى مكانة القارة الاوروبية واصفا اياها بالقارة النبيلة، مهد شعوب العالم الغربى و ركيزة العقيدة المسيحية واصل غالبية الثقافات، الفنون، الفلسفة والعلوم سواء فى العصور القديمة او الحديثة. مؤكدا ان عدم التمسك بهذا الارث جعل من اوروبا ايضا مصدر سلسلة من الحروب وحمل الشعوب الالمانية مسئولية الصراعات القومية المخيفة فى سعيها للسيطرة و الهيمنة، مشيدا بالدور الامريكى فى انقاذ القارة من مصير العودة الى عصور الظلام.
اما فيما يخص العلاج فقد اشار ان الحل يكمن فى اعادة تشكيل النسيج الاوروبى وبناء ولايات متحدة اوروبية و ان جهود كبيرة يجب ان تبذل عبر الاتحاد البان/اوروبى والذى يدين بالكثير الى الوطنى الفرنسى الشهير و رجل الدولة اريستيد براياند. مع التأكيد بعدم وجود تعارض بين منظمة اقليمية اوروبية ومنظمة الامم المتحدة الامم المتحدة، الى جانبهما بريطانيا والكومنولث من ناحية وتجمع نصف الكرة الغربى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية من ناحية اخرى. وان هذا التجمع الاوروبى يمكن ان يبث روح وطنية موسعة ومواطنة مشتركة لشعوب القارة التى يجب ان تأخذ مكانتها المستحقة وسط مجموعات عظيمة اخرى لرسم مصير محترم للانسانية.
التعامل مع المانيا، وفق تشيرشل، يجب ان يشمل فى مرحلة اولى توقيع عقوبات عليها على ما ارتكبته من جرائم وحرمانها من قوة اعادة التسلح والقيام باعمال عدائية اخرى ثم بعد ذلك تكون المرحل التالية مستندة على "نسيان مباركا" ( “blessed act of oblivion” ) والنظر الى المستقبل. الخطوة الاولى هنا لاعادة بناء الاسرة اوروبية هى وضع شراكة بين فرنسا والمانيا، وان هذه هى الطريقة الوحيدة لاستعادة فرنسا زعامتها الاخلاقية والثقافية لاوروبا، و انه لن تكون هناك اعادة احياء لاوروبا بدون فرنسا عظيمة روحانيا والمانيا عظيمة روحانيا.
هذا الهيكل الجديد لولايات متحدة اوروبية يجب ان يتشكل بحيث تصبح القوة المادية لدولة بمفردها غير ذى قيمة وان تتساوى الدول الصغيرة مع الدول الكبيرة وتكستب كرامتها من خلال المساهمة فى المشروع المشترك. الدول والامارات القديمة فى المانيا، المنضمة مع بعضعها البعض بكل حرية فى نظام فيدرالى، يمكن ان تأخذ مكانها الفردى ضمن الولايات المتحدة الاوروبية.
اول خطوة عملية هنا، وفق الخطاب، انشاء مجلس او روبا وان لم تكن كل الدول الاوروبية فى البداية راغية او لديها امكانية الانضمام الى اتحاد فلا بد من السير قدما من خلال الدول الراغبة والقادرة على ذلك. فى هذه المهمة العاجلة لا بد وان تتولا فرنسا والمانيا معا القيادة و بدعم من المملكة المتحدة، دول الكومونويلث، والولايات المتحدة.
ملحوظة ختامية
تجدر الاشارة الى ان هذا الخطاب كان له صدى كبير فى الاوساط الاوروبية بشكل خاص نظرا لما تضمنه من افكار واطروحات هامة على رأسها انشاء مجلس اوروبا والولايات المتحدة الاوروبية. ورغم كون تشرشل ومنذ الثلاثينات من القرن الماضى من مؤيدى التكامل والاندماج الاوروبى وهو ما ظهر فى مقال له فى تلك الفترة تناول ايضا فكرة الولايات المتحدة الاوروبية، فقد كان واضحا وقاطعا فى نفس الوقت فى ان بريطانا يجب ان تكون " مع وليس ضمن" (with Europe but not of it) هذا التجمع الاوروبى والا تسمح بزرع اية فرقة بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية، كما كان من معارضى انضمام بريطانيا الى الجماعة الاوروبية للفحم والصلب لدى انشائها عام 1952.
وفى هذا الصدد شارك تشيرشل عام 1948 فى مؤتمر لاهاى لمناقشة هيكل ودور مجلس اوروبا والذى تأسس بعد ذلك كأول مؤسسة بان-اوروبية من خلال معاهدة لندن فى 5 مايو 1949 والتى وقع عليها فى الاصل كل من بليجيكا، الدنمرك، فرنسا، ايرلندا، ايطاليا، لوكسنبورج، هولندا، النرويج، السويد، والمملكة المتحدة وتضم الان 46 دولة.