
Call Me 123-456-7890

فاكتورتيم/ سمو قانون الاتحاد
Factortame/ Primacy of EU Law
مقدمة
1-تعد الدعوى المعروفة باسم فاكتورتيم (Factortame) [1] فى عام 1990 من اشهر الدعاوى الخاصة بقانون الاتحاد الاوروبى ( الجماعة الاقتصادية وقتئذ) و تعد مرجعا لهذا القانون باعتبار ما تناولته من مبادئ هامة تتعلق بطبيعة المنظومة القانونية التى اسستها الجماعة ومبدأ التأثير المباشر و سمو قانون الجماعة فوق اية قوانين وطنية.
2- ارتكز تناول محكمة العدل للدعوى على مادتين اساسيتين فى معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية:
1. اولهما المادة 5 التى تنص على ان الدول الاعضاء سوف تتخذ كل الاجراءات المناسبة، سواء عامة او خاصة، لضمان تطبيبق الالتزامات التى تفرضها المعاهدة و الناتجة عن اعمال لمؤسسات الجماعة و سوف تيسر تحقيق مهام الجماعة و تمتنع عن اية اجراءات يمكن ان تعرض للخطر او تهدد تحقيق اهداف المعاهدة.
2. المادة 177 والتى تنص على الولاية الحصرية لمحكمة العدل فى اصدار احكام تمهيدية خاصة بتفسير المعاهدة والقوانين المرتبطة بها بغرض ضمان التطبيق والتفسير الموحدين لقانون الجماعة فى كل الدول الاعضاء.
موضوع الدعوى
1- يتلخص النزاع فى اعتراض شر كة فاكتورتيم وعدد من الشركات على التعديل الذى ادخلته الحكومة البربطانية عام 1988 على القانون الخاص بتسجيل سفن الصيد البريطانية [2] وكان هذا التعديل قد وضع معاير جديدة يجب توافرها لكى يتم تسجيل سفينة فى سجل سفن الصيد البريطانية، وترتب على التعديل عدم استيفاء عدد كبير من سفن الصيد التابعة لشركة فاكتورتيم وشركات اخرى للشروط المطلوبة. 2- كانت الحكومة البريطانية قد ادخلت هذا التعديل بغرض وضع حد لممارسات استمر العمل بها لسنوات كان يتم بواستطها، وفق الحكومة البريطانية، الاستيلاء على جزء كبير من حصص الصيد المصرح بها لبريطانيا بواسطة سفن تحمل العلم البريطانى و لا علاقة حقيقية لها بالمملكة المتحدة، ويلاحظ فى هذا الصدد ان كثير السفن المتضررة من هذا التعديل كانت تعود ملكيتها لمواطنين من اسبانيا.
3- حركت شركة فاكتورتيم والشركات المتضررة الاخرى من التعديل المذكور دعوى ضد وزير النقل البريطانى مطالبة المحكمة بممارسة المراجعة القضائية على التعديل ( Judicial Review ) والنظر فى مشروعيته فى ضوء تعارضه، وفق هذه الاطراف، مع قانون الجماعة، وطالبت فى نفس الوقت باصدار المحكمة قرارا يتضمن اجر اءات تحفظية منها تعليق العمل بالتعديل الى حين الفصل فى النزاع على اعتبار ان تطبيق التعديل قد يعرض هذه الشركات لاضرار غير قابلة للعلاج.
4- اصدرت المحكمة الجزئية البريطانية فى 10 مارس 1989 حكما فى هذه الدعوى تضمن وقف سير الدعوى وتطبيق اجراءات تحفظية منها تعليق تطبيق التعديل محل النزاع و تفعيل المادة 177 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية التى بموجبها احالت المحكمة استفسارا الى محكمة العدل للجماعة الاقتصادية الاوروبية لاصدار حكم تمهيدى بتفسير المسائل المرتبطة بقانون الجماعة والمطروحة فى الدعوى المنظورة امامها.
5- طعن وزير النقل فى 13 مارس 1989 على هذا الحكم امام محكمة الاستئناف وخاصة فيما يتعلق بالاجراءات التحفظية الخاصىة بتعليق تطبيق التعديل محل النزاع واصدرت هذه المحكمة حكما فى 22 مارس اشارت فيه الى انه وفقا للقانون الوطنى فان المحاكم لا تتمتع بسلطة تعليق، عبر اجراءات تحفظية، تطبيق قوانين صادرة عن البرلمان، وبالتالى قامت هذه المحكمة بتنحية حكم المحكمة الجزئية جانبا.
حكم مجلس اللوردات و الاستفس ار المحال الى محكمة العدل
1- لدى احالة الدعوى الى مجلس اللوردات اصدر حكما فى 18 مايو 1989 باحالة، وفق المادة 177 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية، استفسارين حول تفسير قانون الجماعة يتعلقان بنطاق سلطات المحاكم الوطنية فى منح اجراءات تحفظية لدى تناول دعوى ما حقوق مستمدة من قانون الجماعة، فى هذا الحكم اشار المجلس الى النقاط التالية:
· ان ادعاء الاطراف المتضررة من التعديل بان عدم اصدار المحكمة اجراءات تحفظية تتضمن تعليق تطبيق التعديل قد يصيبها باضرار غير قابلة للعلاج اذا ما صدر فى النهاية حكما لصالحها، هو ادعاء صحيح.
· مع ذلك، فان المجلس يقر انه، وفقا للقانون الوطنى، فان المحاكم لا تتمتع بسلطة اصدار تلك الاجراءات التحفظية وتعليق تطبيق قانون صادر عن البرلمان فى دعاوى مثل الدعوى المعروضة امام المجلس استنادا على ان قانون صادر عن البرلمان لا يتوافق مع قانون الجماعة وذلك الى حين فصل محكمة العدل للجماعة فى موضوع التوافق من عدمه.
2- انتقل المجلس بعد ذلك الى طرح استفسار عما اذا كانت المحاكم الوطنية، خلافا لقواعد القانون الوطنى، تتمتع فى ظل قانون الجماعة بسلطة منح اجراءات تحفظية ضد قانون صادر عن البرلمان، وبالتالى ونظرا لان النقطة المثارة تتعلق بتفسير قانون الجماعة فقد قرر المجلس وفق المادة 177 من معاهدة الجماعة باحالة المسئلة الى محكمة الجماعة الاقتصادية الاوروبية لاصدار حكم تمهيدى حول الموضوع.
محكمة العدل
1- لدى احالة الدعوى الى محكمة العدل اوضحت ان من العرض و الملابسات فان الاستفسار المطروح يمكن تلخيصه فى رغبة مجلس اللوردات فى الحصول على تفسير يؤكد ان كانت محكمة وطنية، ولدى تناولها نزاعا يتعلق بقانون الجماعة، وحين تجد ان العقبة الوحيدة التى تمنعها من اصدار اجراءات تحفظية تتضمن تعليق تطبيق مؤقت لقانون ما، هى قاعدة من القانون الوطنى، تتمتع هذه المحكمة بسلطة عدم تطبيق تلك القاعدة .
2- اشارت محكمة العدل فى هذا الصدد الى حكمها السايق فى دعوى معروفة باسم "سيمنتال"[3] فى 9 مارس 1978 والتى اكدت فيها ان قوانين الاتحاد القابلة للتطبيق المباشر يجب " تطبيقها بالكامل وبشكل موحد فى كل الدول الاعضاء من تاريخ دخولها حيز التنفيذ". وان الحكم فى تلك الدعوى اكد على انه وفقا لمبدأ سمو قانون الجماعة تصبح العلاقة فيما بين احكام المعاهدة والاجراءات القابلة للتطبيق المباشر للمؤسسات من ناحية وقانون الوطنى للدول الاعضاء من الناحية الاخرى هى ان " تلك الاحكام والاجراءات.. ومن لحظة دخولها حيز التنفيذ.. تبطل تلقائيا تطبيق اية احكام متعارضة من القانون الوطنى.
3- اكدت محكمة العدل ايضا على هذه النقاط:
· تطبيقا لمبدأ التعاون المنصوص عليه فى المادة 5 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية يكون على المحاكم الوطنية ضمان الحماية القانونية التى يستمدها الافراد من التأثير المباشر لاحكام قانون الجماعة.
· اية احكام فى المنظومة القانونية الوطنية او اية تشريعات، ممارسات ادارية او قضائية يمكن ان تعطل من فاعلية قانون الجماعة من خلال حرمان محكمة وطنية صاحبة ولاية لتطبيق ذلك القانون من سلطة اتخاذ كل ما هو ضرورى لدى تطبيقه لكى تنحى جانبا احكام تشريع وطنى يمكن ان تمنع، حتى ولو مؤقتا، قواعد للجماعة من تحقيق القوة والفاعلية الكاملين هى غير متسقة مع متطلبات متأصلة فى الطبيعة ذاتها لقانون الجماعة.
· الفاعلية الكاملة لقانون الجماعة تكون معطلة ايضا اذا ما كانت قاعدة من القانون الوطنى قادرة على منع محكمة تتولى النظر فى نزاع خاضع لقانون الجماعة من اتخاذ قرار بتعليق مؤقت لقانون او قرار ما بهدف ضمان الفاعلية الكاملة للحكم المقرر صدوره حول وجود حقوق مزعومة وفق قانون الجماعة. يستتبع ذلك ان محكمة فى مثل هذه الظروف عليها ان تمنح اجراءات تحفظية مؤقتة وان تنحى جانبا قاعدة القانون الوطنى التى تمنعها من ذلك.
· ان هذا التفسير تعززه المنظومة التى اسستها المادة 177 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية التى تكون فاعليتها معطلة اذا ما كانت محكمة وطنية، بعد تعليق سير تناول النزاع انتظارا لرد محكمة العدل على استفسار محال اليها لاصدار حكم تمهيدى، غير قادرة على اتخاذ اجراءات تحفظية مؤقتة الى حين صدور حكمها بعد تلقى الرد من محكمة العدل.
حكم محكمة العدل فى الدعوى
اصدرت المحكمة فى النهاية حكما اشار الى انه وردا على الاستفسار المطروح، يجب التأكيد على
ان قانون الجماعة من الضرورى تفسيره بمعنى ان اية محكمة وطنية تنظر فى نزاع يتعلق بقانون الجماعة، و اذا ما ارتأت ان العقبة الوحيدة امامها التى تمنعها من منح اجراءات تحفظية مؤقتة هى قاعدة من القانون الوطنى، فان هذه المحكمة عليها ان تنحى جانبا ( Set Aside ) تلك اقاعدة.
التعليق
1- تعد هذه الدعوى من الدعاوى التاريخية فى مسيرة تفسير محكمة العدل للجماعة( الاتحاد) لقانون الاتحاد من حيث طبيعتة الفريدة وعلاقته مع القوانين الوطنية للدول الاعضاء و يتم بشكل دائم ادراجها ضمن الدعاوى الهامة والمرجعية للجماعة، خاصة فيما يتعلق بمدأ سمو قانون الجماعة ( Primacy )، الى جانب دعاوى اساسية اخرى تم الاش ارة اليها وتناولها فى هذا الموقع[4] .
2- من اهم الجوانب فى تناول محكمة العدل والحكم الصادر عنها التركيز وفى اطار العلاقة بين قانون الجماعة وقوانين الدول الاعضاء على ان الطبيعة الخاصة لقانون الجماعة تفرض ان يترتب على القوانين الصادر عنه الابطال التلقائى لاية عوائق تحول دون فاعليتها الكاملة سواء كانت قوانين او ممارسات ادارية او قضائية فى الدول الاعضاء.
3- تم التأكيد ايضا ان المحاكم الوطنية يمكنها التمتع بسلطات مستمدة من قانون الجماعةـ غير متاحة لها وفق القانون الوطنى، شريطة ان يكون ذلك من اجل تطبيق قانون الجماعة، اضافة الى الاهمية الكبيرة للتطبيق والتفسير الموحدين لقوانين الجماعة فى كل الدول الاعضاء، كما تضمنه المنظومة القائمة على المادة 177 من المعاهدة، وكذلك مبدأ التعاون بين الجماعة والدول الاعضاء لتحقيق اهداف المعاهدة وامتناع الاخيرة من اتخاذ اية خطوات او اجراءات معطلة.
4- الحكم لدى صدوره ، خاصة انه تناول نزاع فى المملكة المتحدة، كان له صدى واسع فى ضوء منح محكمة العدل المحاكم الوطنية البريطانية سلطة تعليق قوانين صادرة من البرلمان ضمانا لتحقيق التطبيق والفاعلية الكاملين لقانون الجماعة، بما فى ذلك من مساس بالسيادة البرلمانية ومن هنا التأكيد على وضع حدود لتلك السيادة حين يتعلق الموضوع بمسائل تدخل ضمن اخصاصات الجماعة على اعتبار ان المملكة المتحدة قد تنازلت مثلها مثل الدول الاعضاء الاخرى، عن سيادتها فى مجالات محددة لصالح الجماعة.
5- هناك جانبين هامين اضافيين فى هذه الدعوى:
· سلطة المحاكم الوطنية فى الرقابة القضائية على القوانين الوطنية الصادرة و مراجعة مشروعيتها من حيث التوافق من عدمه مع قوانين الجماعة.
· تمتع المحاكم الوطنية بسلطة استخدام اداة الاجراءات التحفظية المؤقتة، ومنها تعليق تطبيق قوانين وطنية، لحماية حقوق المتنازعين، خاصة لدى احتمال تعرضهم لاضرار غير قابلة للعلاج فى حالة عدم توافر تلك الاداة.
[1]- Case C-213/89/ بتاريخ 19/6/1990
[2]- Part II of the Merchant Shipping Act 1988 and the Merchant Shipping ( Registration of Fishing Vessels ) Regulations 1988 ( SI 1988, No 1926 )
[3]- , Case 106/77 بتاريخ 9/3/78.
[4]- دعوى كوستا – اينيل ، الموضوع رقم 35 فى هذا الموقع ( (Flaminio Costa v. E.N.E.L/ Case 6-64, 15/7/1964.
دعوى سيمنتال/ الموضوع رقم 39 فى هذا الموقع (Amministrazione delle Finanze v Simmenthal SpA, Case 106/77, 9/3/78 ).
دعوى سولانج، الموضوع رقم 37 فى هذا الموقع ( Case 11/70 17/12/1970 ).
دعوى مارليسنج، الموضوع رقم 38 فى هذا الموقع ( 1990 Case-106/89. 13/11/)